كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال قتادة لم يملك أحد قبلهم خادما وقال الحكم بن عتيبة ومجاهد وعكرمة {وجعلكم ملوكا} المنزل والخادم والزوجة وكذلك قال زيد بن أسلم الا أنه قال فيما يعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم «من كان له بيت أو قال منزل يأوي إليه وزوجة وخادم يخدمه فهو ملك».
57 ثم قال جل وعز: {وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين} قال مجاهد يعني المن والسلوى وانفراق البحر وانفجار الحجر والتظليل بالغمام.
58 ثم قال جل وعز: {يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم} قال قتادة يعني الشام والمقدسة في اللغة المطهرة ومنه سمي بيت المقدس أي الموضع الذي يتطهر فيه من الذنوب.
59 ثم قال جل وعز: {قالوا يا موسى ان فيها قوما جبارين} الجبار عند أهل اللغة المتعظم الذي يمتنع من الذل والقهر.
60 وقوله جل وعز: {قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما} روي عن مجاهد أنه قال الرجلان من الاثني عشر نقيبا الذين بعثوا وهما يوشع بن نون وكلاب بن قاينا ويقال يوقنا وقال الضحاك هما رجلان مؤمنان كانا في مدينة الجبارين والدليل على هذا أنهما قالا {ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فانكم غالبون} وقد علمنا أنهم إذا دخلوا من ذلك الباب كان لهم الغلب وقرأ سعيد بن جبير {من الذين يخافون} بضم الياء يذهب إلى أنهما كانا من الجبارين وأنعم الله عليهما بالاسلام.
61 ثم قال جل وعز: {قالوا يا موسى انا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها} أي ليس نقبل مشورة فأعلم الله النبي صلى الله عليه وسلم أن أهل الكتاب لم يزالوا يعصون الانبياء وأن له في ذلك أسوة.
قال أبو عبيدة معنى {فاذهب انت وربك فقاتلا} أي اذهب فقاتل وليعنك ربك.
62 ثم قال جل وعز: {قال رب اني لا أملك الا نفسي وأخي} ويجوز أن يكون المعنى وأخي لا يملك إلا نفسه ويجوز أن يكون المعنى وأملك أخي لأنه إذا كان يطيعه فهو مالك في الطاعة.
63 ثم قال جل وعز: {فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين} قال الضحاك المعنى فاقض بيننا وبين القوم الفاسقين.
64 وقوله جل وعز: {قال فانها محرمة عليهم} أي هم ممنوعون من دخولها ويروى أنه حرم عليهم دخولها أبدا.
فالتمام على هذا عند قوله: {عليهم} ثم قال تعالى: {أربعين سنة يتيهون في الارض} وقد ذهب بعض أهل اللغة إلى أن المعنى {فانها محرمة عليهم أربعين سنة} ثم ابتدأ فقال: {يتيهون في الارض}.
65 ثم قال جل وعز: {فلا تأس على القوم الفاسقين} يجوز أن يكون هذا خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم أي فلا تأس على قوم هذه صفتهم ويجوز أن يكون الخطاب لموسى صلى الله عليه وسلم.
يقال أسي يأسى أسى إذا حزن ويقال أسى الشيء يأسو أسوا إذا أصلحته والمعنى أنه أزال ما يقع الغم من أجله ولك في فلان اسوة وأسوة أي إذا رأيته مثلك نفض عنك الغم.
66 وقوله جل وعز: {واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق} قال مجاهد هما ابنا آدم لصلبه هابيل وقابيل وكان من علامة قربانهم إذا تقبل أن يسجد أحدهم ثم تنزل نار من السماء فتأكل القربان والقربان عند أهل اللغة فعلان مما يتقرب به إلى الله جل وعز.
قال الحسن هما من بني اسرائيل لأن القربان كان فيهم.
67 ثم قال عز وجل {قال لاقتلنك قال انما يتقبل الله من المتقين} المعنى قال الذي لم يتقبل منه للذي تقبل منه {لأقتلنك} ثم حذف هذا لعلم السامع ويروى أن القتل كان ممنوعا في ذلك الوقت كما كان ممنوعا حين كان النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ووقت عيسى عليه السلام فلذلك قال: {ما أنا بباسط يدي اليك لاقتلك اني أخاف الله رب العالمين}.
68 وقوله جل وعز: {اني أريد أن تبوء باثمي واثمك فتكون من أصحاب النار} قال الكسائي يقال باء بالشئ يبوء به بوء وبواء إذا انصرف به قال البصريون يقال باء بالشئ إذا أقر به واحتمله ولزمه.
ومنه تبوأ فلان الدار أي لزمها وأقام بها يقال البواء التكافؤ والقتل بواء وأنشد فان تكن القتلى بواء فانكم فتى ما قتلتم آل عوف بن عامر قال أبو العباس محمد بن يزيد في قوله تعالى: {اني أريد أن تبوء باثمي واثمك} وهو مؤمن لما كان المؤمن يريد الثواب ولا يبسط يده إليه بالقتل كان بمنزلة من يريد هذا.
وسئل أبو الحسن بن كيسان كيف يريد المؤمن أن يأثم أخوه وأن يدخل النار فقال انما وقعت الارادة بعدما بسط يده بالقتل فالمعنى لئن بسطت الي يدك لتقتلني لامتنعن وفي من ذلك مريدا الثواب فقيل له فكيف قال بإثمي وإثمك وأي اثم له إذا قتل فقال فيه ثلاثة أوجه أحدها أن تبوء باثم قتلي واثم ذنبك الذي من أجله لم يتقبل من أجله قربانك ويروى هذا الوجه عن مجاهد والوجه الآخر أن تبوء باثم قتلي وإثم اعتدائك علي لأنه قد يأثم في الاعتداء وان لم يقتل والوجه الثالث أنه لو بسط يده إليه أثم فرأى أنه إذا أمسك عن ذلك فانه يرجع على صاحبه وصار هذا مثل قولك المال بينه وبين زيد أي المال بينهما فالمعنى أن تبوء باثمنا كل قال أبو جعفر ومن أجل ما روي فيه عن ابن مسعود وابن عباس أن المعنى باثم قتلي واثمك فيما تقدم من معاصيك فان قيل أفليس القتل معصية وكيف يريده قيل لم يقل أن تبوء بقتلي فانما المعنى باثم قتلي ان قتلتني فانما أراد الحق.
69 ثم قال جل وعز: {وذلك جزاء الظالمين} يجوز أن يكون هذا إخبارا من الله عن ابن آدم أنه قال هذا.
ويجوز أن يكون منقطعا مما قبله.
70 وقول جل وعز {فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله} قال قتادة أي زينت وقال مجاهد أي شجعته يريد أنها ساعدته على ذلك وقال أبو العباس طوعت فعلت من الطوع والطواعية وهي الاجابة إلى الشيء.
71 ثم قال جل وعز: {فأصبح من الخاسرين} أي ممن خسر حسناته والخسران النقصان.
72- ثم قال جل وعز: {فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه}
قال مجاهد بعث الله جل وعز غرابين فاقتتلا حتى قتل أحدهما صاحبه ثم حفر فدفنه وكان ابن آدم هذا أول من قتل ويروى أنه لا يقتل مؤمن إلى يوم القيامة الا كان عليه كفل من ذنب من قتله.
73 وقوله جل وعز: {من أجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل أنه من قتل نفس بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا} وقرأ الحسن {أو فسادا في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا} والمعنى على قراءته أو عمل فسادا.
وقال ابن عباس في قوله جل وعز: {فكأنما قتل الناس جميعا} أوبق نفسه فصار بمنزلة من قتل الناس جميعا أي في استحقاقه العذاب ويستحق المقتول النصر وطلب الثأر من القاتل على المؤمنين جميعا قال ابن عباس إحياؤها ألا يقتل نفسا حرمها الله عز وجل وقال قتادة عظم الله أمره فألحقه من الاثم هذا وقيل هو تمثيل أي الناس جميعا له خصماء ومعنى {أو فساد في الارض} وفساده الحرب واخافة السبيل.
وفي حديث حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال سمعت عثمان بن عفان رحمه الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «لا يحل دم امرئ مسلم الا باحدى ثلاث زنى بعد احصان أو كفر بعد ايمان أو قتل نفس بغير حق» ومعنى {فكأنما أحيا الناس جميعا} على قول قتادة أنه يعطى من الثواب على قدر ذلك وقيل وجب شكره على الناس جميعا فكأنما من عليهم جميعا يروى هذا عن مكحول وقول ابن عباس أولاها وأصحها.
74 وقوله جل وعز: {انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف} قال الحسن السلطان مخير أي هذه الاشياء شاء فعل وكذلك روى ابن نجيح عن عطاء وهو قول مجاهد وابراهيم والضحاك وهو حسن في اللغة لأن أو تقع للتخيير كثيرا.
وقال أبو مجلز الآية على الترتيب فمن حارب فقتل وأخذ المال صلب ومن قتل قتل ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف ومن لم يقتل ولم يأخذ المال نفي وروى هذا القول حجاج بن أرطاة عن عطية عن ابن عباس مثله غير أنه قال في أوله فمن حارب وقتل وأخذ المال قطعت يده ورجله من خلاف ثم صلب وليس في قول أبي مجلز قبل الصلب ذكر شيء واحتج أصحاب هذا القول بحديث رواه عثمان وعائشة وابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «لا يحل دم امرئ مسلم الا باحدى ثلاث...» وذكر الحديث قالوا فقد امتنع قتله الا أن يقتل فوجب أن تكون الآية على المراتب.
وقال الزهري في قوله تعالى: {أو ينفوا من الارض} كلما علم أنه في موضع قوتل حتى يخرج منه وقال أهل الكوفة النفي هاهنا الحبس وروى هذا عن ابن عباس باسناد ضعيف وقال سعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز ينفى من بلدته إلى بلدة أخرى غيرها.
75 وقوله جل وعز: {ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} يقال خزي يخزى خزيا إذا افتضح وتحير وخزي يخزى خزاية إذا استحيا كأنه تحير كراهة أن يفعل القبيح.
76 وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة} قال ابن عباس يعني القربة وكذلك قال الحسن.
وروى موسى بن وردان عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {الوسيلة درجة عند الله جل وعز وليس فوقها درجة}.
77 وقوله جل وعز: {يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها} قال يزيد الفقير قيل لجابر بن عبد الله أنتم يا أصحاب محمد تقولون ان قوما يخرجون من النار والله يقول: {وما هم بخارجين منها} فقال جابر انكم تجعلون العام خاصا والخاص عاما انما هذا في الكفار خاصة فقرأت الآية من أولها إلى آخرها فإذا هي في الكفار خاصة.
78 وقوله جل وعز: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} قال سيبويه المعنى وفيما فرض عليكم السارق والسارقة.
79 ثم قال جل وعز: {جزاء بما كسبا نكالا من الله} يقال نكلت به إذا فعلت به ما يجب أن ينكل به عن ذلك الفعل.
80 وقوله جل وعز: {فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فان الله يتوب عليه ان الله غفور رحيم}
المعنى غفور له وجعل الله توبة الكافرين تدرأ عنهم الحدود لأن ذلك أدعى إلى الاسلام وجعل توبة المسلمين عن السرقة والزنا لا تدرأ عنهم الحدود لأن ذلك أعظم لاجورهم في الآخرة وأمنع لمن هم أن يفعل مثل فعلهم وقال مجاهد والشعبي قرأ عبد الله بن مسعود {والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما}.
81 وقوله جل وعز: {يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر} أي لا يحزنك مسارعتهم إلى الكفر لأن الله جل وعز قد وعدك النصر.
82 ثم قال جل وعز: {من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم} قال مجاهد يعني المنافقين.
83 ثم قال جل وعز: {ومن الذين هادوا سماعون للكذب} قال مجاهد يعني اليهود فأما معنى سماعون للكذب والانسان يسمع الخير والشر ففيه قولان أحدهما أن المعنى قابلون للكذب وهذا معروف في اللغة أن يقال لا تسمع من فلان أي لا تقبل منه ومنه سمع الله لمن حمده معناه قبل لأن الله جل وعز سامع لكل شيء.
والقول الآخر أنهم سماعون من أجل الكذب كما تقول: أنا أكرم فلانا لك أي من أجلك.
84 ثم قال جل وعز: {سماعون لقوم آخرين لم يأتوك} أي هم عيون لقوم آخرين لم يأتوك.
85 ثم قال جل وعز: {يحرفون الكلم من بعد مواضعه} أي من بعد أن وضعه الله مواضعه فأحل حلاله وحرم حرامه.
86 ثم قال جل وعز: {يقولون ان أوتيتم هذا فخذوه وان لم تؤتوه فاحذروا} أي تقول اليهود ان أوتيتم هذا الحكم المحرف فخذوه وان لم تؤتوه فاحذروا أن تعملوا به ومعنى هذا أن رجلا منهم زنى وهو محصن وقد كتب الرجم على من زنى وهو محصن في التوراة فقال بعضهم: أئتوا محمدا لعله يفتيكم بخلاف الرجم فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بالرجم بعد أن أحضرت التوراة ووجد فيها فرض الرجم وكانوا قد أنكروا ذلك.